نصحو وننام على الوجه المبتسم لصورة الميجور نضال مالك الذي قتل 12 أو 13 من زملائه وأصاب نفرا آخرين في فورت هود التي هي أكبر قاعدة عسكرية على الاطلاق
وكالعادة سارع أصحاب الوجوه السمحة المتوسطة إلى نفي التهمة عن الاسلام وكيف انه دين تسامح وعدل ....الخ هذا الكلام الذي يقال في مثل هذه المناسبات ولا يصدقه احد في مثل هذه المناسبات بالذات رغم أنه حق
وكالعادة أيضا تشعرني هذه الكلمات بطعم مرير في حلقي. لا أكره كلمة الحق إلا في هذا الموطن : الدفاع عن النفس
لماذا ندافع عن النفس اصلا ؟
ربما ألتمس بعض العذر للمسلمين في أمريكا مراعاة لتخوفهم من تأثير حادث كهذا عليهم وهو وارد طبعا! ولكن أي عذر للباقين؟ أي عذر لشخص يتخفى خلف اسم مستعار على النت؟
لماذا نفترض -قبل الباقين- ان اي تصرف يقوم به مسلم محسوب على الاسلام؟ هذا ليس عدلا. وتعميم أي تصرف -خيرا كان او شرا على خمس سكان الأرض حماقة. لماذا نتكبد عناء الرد على الحمقى المتغافلين؟ نتصرف دائما باعتبار أننا في وضع المشتبه به الذي يحتاج إلى تبرير مواقفه والدفاع عن نفسه
مع أننا طول الوقت تقريبا مجني عليه. والجاني هو ذاته الذي يتملقه أصحاب الوجوه المذكورة
الميجور نضال دخل الجيش الأمريكي مختارا. وعمل فيه طبيبا نفسيا لسنوات تعرض خلالها لمضايقات عديدة بسبب أصوله العربية والاسلامية وشكى مرارا دون جدوى (وفقا لما يقال الآن) هذا هو الخطأ الأول الذي ارتكبه الجيش الأمريكي في هذه القضية
الخطأ الثاني : أن يقوم هذا الطبيب بمتابعة الحالة النفسية للجنود العائدين من العراق وأفغانستان. كان كل منهم يذهب إلى الميجور نضال ليفرغ عنده اقسى وأسوأ ما رأى. ومهمته ان يجعل المريض ينسى بينما هو لا ينسى. وبطبيعة الحال فالجندي لن يحتاج إلى طبيب نفسي إلا لو كان يعاني بشدة. وهذه المعاناة كلها تنصب على رأس الطبيب
كان من المفترض ان تتم متابعته للتأكد من انه لا يتأثر بما يسمع أكثر من اي طبيب آخر في مكانه. تقول بعض الروايات انه لم يكن ثوريا يرغب في الثأر ولكنه كان ببساطة خائفا من رؤية الأهوال التي طالما سمع عنها رأي العين! وتقول روايات اخرى أنه كان يغضب لقومه
أذكر ان جيوش الحلفاء أيام الحرب العالمية الثانية اضطرت لفحص نفسية الجنود خوفا من تأثرهم بما يسمعونه عن هتلر والألمان خوفا أو إعجابا
الخطأ الثالث : تقرر إرساله إلى الميدان. ألم يكن هذا القرار بحاجة إلى مزيد من الدراسة؟ جندي يتعرض لمضايقات بسبب اصوله ويريد ترك الجيش من اجلها ترسله ليقاتل حيث أصوله هذه وضدها أيضا! وتتوقع منه الولاء والانضباط؟
الخطأ الرابع : مع كل هذه الخلفيات يرفض طلبه بإعفائه من هذه المهمة
عندما تحاصر شخصا ما بكل هذه الضغوط ينبغي ان تتوقع انفجارا ما في أي لحظة خاصة وأنت ترفع الضغط كل حين
قرأت قريبا -لا أذكر أين ولا المناسبة- أنه من الحكمة العسكرية ان تترك للطرف الآخر بابا خلفيا يفر منه إن اراد .أما إصرارك على محاصرته ومواجهته حتى اللحظة الأخيرة فلا يعني سوى المزيد من الخسائر لديه ولديك أيضا
لقد راهن الأمريكيون أكثر مما ينبغي على انصهار الجميع في البوتقة الأمريكية. غير ان لكل شيء حدودا. حتى احترافية الأداء لها حدود! من لا يرغب حقا- أو لم يعد يرغب- في الانصهار إلى هذا الحد لن ينصهر مهما فعلت. والرجل قد قالها منذ سنوات
ماداموا يتجاهلون الخلفيات كل تلك السنوات فما المانع من أن يبقى الحال هكذا؟
ويقتلني غيظا بعد كل هذا أن أجد منا من يسارع للوقوف في قفص الاتهام والبدء بالمرافعة التي لا يبالي بها أحد
الجندي القتيل كان في طريقه -لو ذهب - هو ورفاقه ليجثم على أنفاس دولة كانت حرةليستبيح أرضها ومالها ودمائه ونسائها يقترف ما يشاء ويترك ما يشاء والقاتل كذلك لو أراد! هو لم يرد هذا شأنه وحسابه على الله. لماذا نحزن نحن؟
في الوقت الذي يقول فيه ممثلو نفس الدولة عن تقرير جولدستون الذي سوى بين القاتل والقتيل في غزة أنه غير متوازن لأنه لم يفضل القاتل على القتيل
وحتى إن كان الميجور نضال قد فعل ما فعل حمية للدين وباسم الدين ....ما المشكلة؟؟؟؟؟؟؟ نحن نقتل كل يوم حمية للنظام العالمي الجديد دون مشكلة عند اي طرف حتى نحن
مسألة كون هذا خطأ من ناحية الشرع مسألة لا تخص الآخرين في شيء. لم يسمح لنا ان نفترض أن القيم الأمريكية يمثلها عقارب مستنقع (أبو غريب)! ولم يخطر ببال أحد ان يحاكم العالم ال(متحضر) على هذه الجريمة
No comments:
Post a Comment