"I can change. I can live out my imagination instead of my memory. I can tie myself to my limitless potential instead of my limiting past."
:كتبها شريف أشرف فطين
عندما غادرت مطار إستوكهولم بالسويد ، لم أكن باكيا على ما فقدت من سنوات داخل هذا البلد ، ولا على ما فقدت منها في بلدان أخرى ، غالبتني الذكريات ، بالطبع لم أكن أعرف عندما خطت قدمي أولى خطواتها في رحلة الغربة ، أن هذه الخطوات ستنتهي بي و أنا في هذه الحالة من الشوق و الحنين إلى بلدي ، فعند مغادرتي مطار القاهرة لأول مرة مسافرا إلى أوروبا ، كانت قدمي لا تكاد تلمس أرض المطار الباردة ، كنت طائرا ، قبل أن أطير في أول صندوق حديدي أركبه في أولى رحلاتي إلى عالم النور كما كنت أعتقد وقتها ، سنوات وسنوات ، ورحلات و مطارات و لغات عديدة تكلمتها وسمعتها و ثقافات كثيرة عايشتها ، عرفني الناس هناك ، وعرفتهم ، حققت صداقات كثيرة ، و عداوات أكثر، و أخيرا ها أنا عائدا غير آسف على ما فات ، يغمرني حنين جارف إلى حضن وطني ، الذي تركته وأنا غير عابيء به ، أو بمن فيه ، هذا الوطن الذي أعود إليه الآن لأرتمي على أرضه وأنام ملأ جفناي .
كانت الرحلة الأولى إلى مطار إستوكهولم بالسويد ، البرد و المطر و الجليد في كل مكان ، كل شيء نظيف أكثر ، ووثير أكثر ، و هاديء أكثر ، أتذكر كل شيء بالتفصيل ، محطة " التي سينترالين " في وسط إستوكهولم ، تجمعات الشباب في شارع " كونجز جاتن " الرصيف الرطب لمترو الأنفاق " التونيل بانا " قطار " البيندل توج " تفاصيل الحياة في ستوكهولم القديمة في أحياء " هيتوريت " و " جاملاصطان " مبنى وزارة الهجرة " الفاندرا فاركت " حيث تقبع آحدى عشر طلب هجرة عليها إسمي وصورتي وختم موافقة مع شعار السماح لي بالإقامة للدراسة هناك ، و أخيراً جسر "سلوسن" القريب من السفارة المصرية ، هذا الجسر الذي كنت أقف مستندا إلى حواجزه المعدنية لساعات ، أماكن و أماكن عشت فيها و عاشرتها أيام وليالي ، حتى تصورت أني أصبحت جزء منها و أنها أصبحت جزء مني ، كيف تلاشت كلها و أنزوت في جانب عقلي المظلم ، لتتحول إلى مجرد ذكريات ، ستذوب تفاصيلها يوما بعد يوم ، حتى تصير أشباح صور و شخوص ، ربما أجد صعوبة في تذكرها مستقبلا ، كيف سمح طعم " الشيد بولاّر " الشهي لنفسه أن ينهزم أمام طعم الفول المدمس و الطعمية السخنة ، كيف تمكن هواء القاهرة الخانق أن يكون منعشا أكثر من نسائم ستوكهولم النقية ، لا أعلم ، فقط أعلم أنني عائد إلى وطني ، محباً لكل مافيه ، مشتاقاً لكل من فيه .
أصدقاء كثيرين كانوا معي هنا في إستوكهولم وودعتهم في هذا المطار وهم يغادرون قبلي ، بعضهم بسنوات وبعضهم بشهور ، وأحدهم بأيام ، جميعهم سبقوني عائدين إلى مصر ، وأحدهم إلى غزة و آخر إلى الإمارات ، والآن جاء دوري لأغادر ، مقرراً عدم العودة إلاّ زائراً .
تذكرة الطائرة و كارت الإقلاع " البوردينج باس " وجواز سفري في يدي ، وحقيبتي الصغيرة الهاند باج متدليه من كتفي ، و على ذراعي يرقد جاكيت بني اللون ، هو آخر ما قمت بشرائه من السويد قبل سفري بيومين ، الآن أنا أركد متفادياً المارة لكي ألحق بطائرة مصر للطيران ، موعد الإقلاع قد حان ، وجدتني أركد و أركد رغم عدم تأخري على الموعد ، فقط أريد أن أصعد على الطائرة المصرية ، لأشعر أنني أصبحت في مصر ، لأرى ضحكة مضيفة سمراء طيبة ، وعندما وصلت إلى سلم الطائرة ، أذ بي أجد الدموع تفر من عيني, وإذا بي أجد لساني يردد دون إرادة مني " وبعتنا مع الطير المسافر جواب و عتاب و تراب من أرض أجدادي و زهرة من الوادي يمكن يفتكر اللي هاجر أنه له في بلاده أحباب".
مطار إستوكهولم – صالة الإنتظار – 9 نوفمبر 2009
So nice..:)
ReplyDeletecould u please check out my blog and tell me what you think? thanks
ReplyDeletehttp://basma-aal.blogspot.com
Thank you
ReplyDeleteYou are welcome!
ReplyDelete