3/01/2010

الطريق مسدود


رب صورة خير من ألف كلمة, تلك الحكمة الصينية التي ترجع إلي قرون عدة تحمل في طياتها كثيرا من المعاني, أكثر بل و أكثر بكثير مما قد يتخيله المرء. فبما أن الصورة تعادل ألف كلمة، فإن الصورة المتحركة تعادل ألف خطاب، ونحن قد برعنا في فن الخطاب و لكننا فشلنا - من وجهة نظري المتواضعة - في كسب قلوب الآخرين، فبالرغم من عدالة قضيتنا إلا أننا نستخدم إسلوب خطابي حماسي ثوري تهديدي توعدي قد يلهب قلوبنا ولكنه ينفر قلوب الآخرين، فيقف القائد الفلسطيني وسط آلاف يصرخ ويهدد ويتوعد ويندد بالساعات و يرتقب العدو الإسرائيلي كلماته فينتقي منها مايدين الطرف الفلسطيني ليعيد طرحها للمجتمع الأمريكي من خلال آلته الإعلامية فيزداد الغرب نفوراً منا بالرغم من عدالة قضيتنا. وكلما زادت مدة الخطاب وزادت حماسة الخطيب وسعت دائرة إنتقاءات العدو، وإذا كان هناك تحيز غربي وبالتحديد أمريكي واضح للجانب الإسرائيلي على حساب حقوقنا فهو نتاج اللوبي الصهيوني وطريقته في التأثير على السلطة الأميركية من خلال مؤسساتها المختلفة، ولكن أن يتعاطف الرأي العام الأميركي والمجتمع الأمريكي مع إلإسرائيليين على حساب العرب والفلسطينيين فهناك خطأ ما في التناول والتعامل والخطاب الموجه لهم

الأسبوع الماضي أعلن معهد جالوب الأميركي أكبر مركز إستطلاعات رأي في العالم نتيجة لإستطلاع رأي عن مدى تعاطف الأميركيين مع 20 شعب من شعوب العالم ومدى دعمهم لهم، والنتيجة المفاجئة أوضحت أن 67% منهم يتعاطفون مع إسرائيل التي حلت في المركز الخامس بين الشعوب العشرين، بينما يتعاطف 20% فقط مع الشعب الفلسطيني المظلوم والذي حل في المركز السابع عشر بين عشرين شعب، إذن الإنحياز ليس فقط حكومي ولكنه أيضاً شعبي ، لماذا نفشل دائماً في كسب التعاطف الشعبي بالرغم من عدالة قضيتنا وبالرغم من الجور والظلم الواقع على حقوقنا ؟ السبب أننا لانجيد فن التعامل والتناول لقضيتنا والتسويق لها بالشكل السليم، بينما العدو ينشط ويُسوّق نفسه بكل سهولة، ليس بسبب أفعاله ولكن بسبب أخطائنا، فنحن نقف نخطب ونندد ونهدد ونكيل ونتوعد وهو يستقبل ويعيد الإرسال، والآخر لايريد أن يرى زعيقاً أوصوتاً عالياً ولا وجوه عابسة غاضبة حانقة ليتعاطف، هو يتعاطف مع من يخاطب قلبه وروحه وضميره، وهذا الخطاب أكثر مايكون في الفنون والآداب، في القصص والروايات، في الصور والأفلام، في الفن والإبداع ... ويتبقى سؤال هام: لماذا نسعى لكسب تعاطف الشعوب الغربية ونريد كسب قلوبهم في حين أن مطالبنا عادلة والحق في صفنا، والإجابة بديهية أن حكومات تلك الدول تحترم شعوبها وتنزل على رغبتهم لأنها حكومات منتخبة من الشعب، فإذا إستطعت أن تكسب تعاطف شعوبهم وقناعة مواطنيهم كسبت إهتمام حكوماتهم بقضيتك

كانت تلك المقدمة الطويلة تمهيداً لفيلم رسوم متحركة فلسطيني مدته دقيقتين ونصف الدقيقة فقط يرسل رسالة أبلغ من ألف خطاب، وأقوى من ألف شخص مقنع يخفي وجهه ويحمل السلاح ويحمل إسم كتيبة أو ميليشيا، في وقت يفترض فيه أن تكون صور هؤلاء وخطب هؤلاء وسلاح هؤلاء في السر وخفية بعيداً عن أعين الكاميرات، هكذا تقول السياسة وهكذا يقول الذكاء، الفيلم الفلسطيني يحكي في دقيقتين ونصف عن طفل تتحطم براءته في صورة معبرة مؤثرة أمام الصلف الإسرائيلي عندما يحاول أن يلهو ببراءته مثل كل طفل فيلعب بإطار يحركه ويجري خلفه ويدفعه بعصاه الخشبية، حتى يصطدم برجل أمن إسرائيلي يمثل الحاجز أو نقاط التفتيش، يطيح الرجل بإطار الطفل وكأنه يطيح ببراءة الطفولة، ويعاود الطفل الكَرّة ثانية وثالثة ورابعة وفي كل مرة يزداد غيظ وعنف رجل الأمن الإسرائيلي .. وقبل نهاية الفيلم تتضح الفكرة



فلنجعل كتائبنا و جيوشنا حاضرة في ثكناتها بعيدة عن عدساتنا، ولنجعل خطبنا الثورية في غرفنا المغلقة بعيدة عن ميكروفوناتنا، ولنظهر بوجه آخر للعالم نقدم فيه فنوننا ونخاطب به قلوبهم .. حتى تستطيع السياسة أن تخاطب عقول حكوماتهم

7 comments:

  1. اخدت بالى اوى من الجزئية دى لما شوفت فيلم للمخرج ايليا سليمان (فلسطينى ) يد الهية مشى بنفس المنطق دة وبمنتهى السلاسة والجمال لدرجة انه خلانى اتابع فيلم ساعة ونص ومفيهوش غير جملتين حوار وفى الاخر قولت عليه فيلم عبقرى

    ReplyDelete
  2. انا دخلت هنا من لينك من صديقة لي
    تعجبنى فكرة الاهتمام براى الاخر ولكن لا يعجبنى ان نكذب على الاخر لنكسب تعاطفة لانة سينقلب الى حقد وغضب .
    ان الطفل الفلسطينى عندما يحاول ان يدخل مجال ارض اسرائيل او الارض التى تسيطر عليها اسرائيل فهو فى نظر رجل الامن يحتمل ان يكون مرتدياً حزاماً ناسفاً على اساس ان يكون اصغر شهيد وسوف ياخد نصيبة ايضاً من الحوريات بينما ياخذ اهلة بعض دولارات المليشيات وبعضاً من الشهرة ومعروف ان الفلسطينيين يتوالدون اكثر من الارانب ويعتبرون ذلك نوع من الجهاد .
    لكن دعنا نقلب الصورة . لو افترضنا انة طفل اسرائيلى يلهو وبدون ان يدرى وصل الى منطقة نفوذ ميليشيات او كتائب فماذا سيكون مصيرة
    1 سوف يذبح على اساس انة جندى صهيونى مستقبلى
    2 سوف يؤخذ رهينة مقابل عشرتاشر الف اسير
    3 سوف يخطف ويطالب اهلة بدفع فدية
    4 سوف يعاد الى اهلة ( مع انى اشك كثيراً فى هذا الاحتمال)

    ReplyDelete
  3. thanx for this nice blog and please let me take a copy to my site

    ReplyDelete
  4. الأفلام والصور وما شابه تعد من الأفعال وهى الأقوى دائماً
    اما الخطب والشعارات فتعد من الكلام وهو الأضعف دائماً

    ونحن امه برعنا اشد ما برعنا فى الكلام لدرجه انه فيما مضى كانت تقام اسواق للكلام يتبارى فيها المتكلمون واجدع متكلم يعلق كلامه على الكعبة

    أحنا بتوع كلام

    ReplyDelete
  5. @Mariam:
    يعني انتم واخدين الارض و بتستعملوا اسلحة محرمة دوليا و عملته مذابح كتير جدا و زعلانة علي طفل اسرائيلي!!طب انتي بتقولي ان الطفل الفلسطيني مشكوك فيه و لازم بتقتل طب ليه الاسرائيلي لا!!؟؟مش ممكن تكونوا مستغليينه برده؟؟

    2nd FYI
    ان الرسول صلي الله عليه و سلم امرنا بالا نقطع شجرة او نقتل طفل او امراة او اي حد لا يحاربنا بس اعتقد لو حد فلسطيني قتله فهو من حرقة قلبه علي ابنه او اخوه او امه الي قتلتوهم!!

    و ماعتقدش انهم لو تبادلوا الطفل باسير فلسطيني او اكثر مش مشكلة مانتم بتقبضوا علي اولادهم ايضا ليه الكيل بمكيالين؟؟؟!

    ReplyDelete
  6. @Mariam:
    انا بجد نفسي افهم يعني ايه النظرية فانه الطفل الفلسطيني حلال يتقتل علشان ممكن يكون ملغم(و طبعا محمد الدرة كان واضح جدا انه ارهابي مش كدة)حسبي الله و نعم الوكيل

    و برده في نفس الوقت لو طفل اسرائيلي واحد قالهم رجعولي ابني و ارجعلكم ابنكم يبقي ارهابي و مفتري!!و ايه ادراكي ان الطفل اليهودي ده مش داخل يأذي الفلسطنيين اعتقد شفتي في الصور الي ماليه النت غل اليهود و اطفالهم بيعملوا ايه

    btw
    انا برده اخر
    "Anonymous"
    علشان لو عندك رد

    سلام

    ReplyDelete
  7. http://ar.timeturk.com/news_detail.php?id=18049

    اتفضلي اقرأي المسلمة ديه عملت ايه علشان طفل اسرائيلي و اليهود عملوا معاها ايه و المسلمة ديه معملتش
    زي الصليبيين الي قتلوا في يوم واحد 70,000 مسلم في يوم واحد رغم انهم احتموا بالمسجد الاقصي و غيرهم من اليهود و ماعملتش زي الفرنسيين الي قتلوا مليون و نصف مليون مسلم في الجزائر و ماعملتش زي الامريكان الي قتلوا مليون عراقي و قتلوا كتير في افغانستان و ماعملتش زي الروس الي بيذبحوا المسلمين في الشيشان و يمثلوا بجثثهم و معملتش زي المليشيات المسيحية الي حرقت حوالي 900 مسلم في نيجيريا و مثلت بجثثهم و ماعملتش زي ما الصرب عملوا في المسلمين في البوسنة!!فبطلوا بقي الظلم ده!!

    ReplyDelete