9/11/2010

العشاء الأخير


العقل لا يري إلا ما يريد أن يراه. بالطبع تبدو هذه العبارة غامضة إلي حد ما و لكنني أدعوكم لمشاهدة هذا الفيلم القصير أولا حتي تتضح الفكرة


غالبا لا يلاحظ المشاهد لأول مرة وجود هذا الشخص الذي يقلد بعض حركات المغني الأمريكي الراحل "مايكل جاكسون" في وسط الفيلم مع أنشغاله بحساب عدد التمريرات. كانت هذه مقدمة أراها طريفة لبقية المقال. و لكنني أولا أود أن يعلم القارئ أن المعلومات الواردة ليست من وحي الخيال و لكنها ملخص قصير لكتابين أنهيت قرأتهما قريبا. أولهما كتاب "فرسان الهيكل" و ثانيهما رواية "شيفرة دافنشي" لكاتبها دان براون و التي أثارت جدلا كبيرا فور صدورها عام 2003


بالطبع قد سمع الكثير عن لوحة العشاء الأخير التي رسمها الفنان الأيطالي العبقري "ليوناردو دافنشي" في القرن الخامس عشر الميلادي. من المفترض في العشاء الأخير أنه العشاء الذي تناوله المسيح مع تلاميذه الاثنا عشر في الليلة السابقة على واقعة الصلب. و فيه تناول معهم الخبز و النبيذ ( أو عصير العنب) رمزاً لجسده و دمه الذي يقدمه لفداء البشرية (وفق قاعدة الفداء و الخلاص التي وضعها بولس) ، و من هنا جاء طقس التناول المسيحي. و قد رسمت العديد من اللوحات للعشاء الأخير، لكن لوحة "دافنشي" تعد هي الأهم فنياً على الإطلاق، و توجد منها نسخ فوق المذبح في العديد من الكنائس حول العالم، و كما يشير الكتاب، تحتوي اللوحة على إشارات لا يمكن أن نعزوها إلى الصدفة أو إساءة الفهم. يجلس المسيح في الوسط علي يمينه
حسبما تقول معظم الكتب "القديس جون" أحد تلاميذه. و لآن العقل لا يري إلا ما يريد أن يراه فلم يلاحظ أحد أن الشخص الجالس علي يمين المسيح هي إمرأة مكتملة الأنوثة و ليس من المقبول لأي ذي عينين أن هذه الشخصية على يمين المسيح هي القديس جون. ترتدي المرأة ثيابا معاكسة لثياب المسيح في اللون ، رداء أزرق و وشاح أحمر للمرأة مقابل رداء أحمر و إزار أزرق للمسيح، و كأنها تتممه بالفعل، و مع رسام بوزن "دافنشي" فهذه ليست صدفة. و من الملاحظ أيضا تشكيل رقم 7 نراه واضحاً بين المسيح و المرأة، و قد يرمز إلى الكأس الأنثوية أو رحم المرأة. كما نلاحظ نجد إشارة الذبح و نظرة العداء الواضحة في وجه بطرس نحو المرأة


و بتغيير أوضاع المسيح و هذه المرأة تتكون لنا تلك الصورة


من هي هذه المرأة؟ و ما قصتها؟

تبدأ القصة بالفلاح المصري محمد على السمان من قرية حمرة دوم التابعة لنجع حمادي بمحافظة قنا الذى عثر في عام 1945 على كنز أثري في حقله يحتوي على اثنتين وخمسين وثيقة قديمة تعود للقرن الأول الميلادي، مكتوبة بالقبطية والآرامية كانت عبارة عن مجموعات من الأناجيل القديمة التي لم تعتمدها الكنيسة الكاثوليكية على الإطلاق، وأطلق الخبراء عليها اسم الأناجيل الغنوصية ، نسبة إلى مجموعة مسيحية قديمة، كانت تنكر الطبيعة الإلهية للمسيح، وترى أن الوصول إلى معرفة الروح الإلهية الحقة أن يكون بمعرفة الإنسان لنفسه. ترجمت اللفائف عن طريق أرقى الجامعات و الأقسام الدينية بها. و ظلت محل إهتمام التاريخيين لسنين طويلة. تكشف تلك اللفائف عن هذه المرأة و هي ماري ماجدولين أو مريم المجدلية و التي شوهت الكنيسة الكاثولكية صورتها تماما في القرن الخامس و السادس الميلادي. لوحة العشاء الأخير تحتوي بالفعل على تجسيد لفكرة مريم المجدلية كقرينة للمسيح من خلال رمزيات شديدة الوضوح و تبرز الموقف السلبي بل و المائل إلى العنف لبطرس الرسول تجاهها. النصوص الواردة من إنجيلي المجدلية و فيليب صحيحة و تشير إلى دور قيادي للمجدلية بين حواريي المسيح و إلى علاقة من نوع خاص قد تكون علاقة زوجية بينهما. و بالرجوع للتاريخ نجد أنه خلال القرون المسيحية الأولى لم يكن هناك اعتقاد بألوهية المسيح ولكن كانت النظرة له أنه نبي عظيم وقائد فذ. وأن قرار ألوهية المسيح اتخذ على يد البشر في القرون اللاحقة، أثناء تأسيس الكنيسة نفسها بشكلها الذي عرفه العالم، وربما أن المسيح كان إنسانا عاديا في المقام الأول فقد أحب وتزوج "مريم المجدلية" وهى نفسها السيدة التي وصمتها الكنيسة في مراحل متأخرة أيضا, وهنا يؤكد كتاب فرسا ن الهيكل أن المسيح تزوج بالسيدة مريم المجدلية كما ورد في العديد من الكتب المقدسة، ليس هذا فحسب بل أكد أن المسيح أنجب ذرية ذات دم مقدس عندما رحلت المجدلية إلى فرنسا بعد صلبه وقيامته وهناك أنجبت ابنتهما "سارة". كما أن الكنيسة أزاحت المجدلية ودورها المحوري في المسيحية وألقت بها في غياهب النسيان بل وكللتها بالعار الأبدي لسبب بسيط وهو حاجة الكنيسة لإقناع العالم بألوهية المسيح ولذلك كان يجب حذف واستبعاد أي أناجيل أو شخصيات تعطى المسيح سماته البشرية العادية وعلى رأسها زواجه وإنجابه. كما إن معظم كبار الكتاب والمفكرين الغرب يؤمنون ببشرية وزواج السيد المسيح حيث كتبت "لين بينكت" في كتابها "مريم المجدلية" أن السيدة مريم المجدلية رحلت إلى فرنسا، التي كانت تسمى بلاد الغال وقتها، ولا يعرف الكثير عن فترة وجود المجدلية في فرنسا، وإن كانت الحكايات المتواترة هي، أنها وضعت هناك ابنتها من المسيح مما يعني وجود ذرية للمسيح حتي الآن مما يؤكد أنه بشر. كل هذا جسده دافنشي في لوحتة العشاء الأخير بشيء من الرمزية الخفية في الوقت الذي مارست فيه الكنيسة جميع أشكال القهر و الظلم للعلماء و ذوي التفكير الحر أمثال جاليليو و نيوتن و دافنشي نفسه

بالطبع لم أكن يوما ما مفكرا دينيا أو دارس للمذاهب و العقائد المختلفة و لكنني أردت أن أقدم خلاصة ما قرأته في هذا الموضوع. فهذه المعلومات - إن كانت صحيحة - أراها تمس و بقوة أساسات الديانة المسيحية بمذاهبها المختلفة و تكشف من وجهة نظري المتواضعة عن أكبر كذبة عاشتها و مازالت تعيشها البشرية. في النهاية أود أن أقول أنه عندما يتشدد الغرب ضد الإسلام, و عندما يقوم الرسام الدنماركي برسم رسوم مسيئة للرسول الكريم, و عندما يقوم القس الأمريكي بحرق القرآن الكريم, فأني لا أري هذا إلا حالة من اليأس و دعوني أقول الحقد و الغيرة الشديدة من دين و عقيدة عكف علي دراستها المستشرقين قرونا و قرون دون أن يجد أحدهم ثغرة واحدة في أساسات هذا الدين. هؤلاء الناس أنفسهم لو نظروا بشئ من العقلية و المنطقية لعقائدهم, من الممكن أن يكون الوضع مختلفا تماما

ملحوظة: فور أنتهائي من قراءة هذه المعلومات, أنتابتني حالة من الشك في صحتها لأن القرآن و الإسلام لم يذكرا ابدا أن المسيح قد تزوج. و لكن طبقا للفتوي رقم 75653 فأن الإسلام لا يتعارض تماما مع هذه القصة بل أن القرآن قد ذكر أن جميع الأنبياء قد تزوجوا و أنجبوا و تعيش ذرياتهم حتي الآن بدليل قول الله تعالى:"وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً" الرعد: 38

18 comments:

  1. Good one. I believed for a long period of time of the myth of Mary Magdalen but never knew all those information. Thank you.

    Ahmed AbdelSalam

    ReplyDelete
  2. WOW!!That's AWESOME!!btw check those sites too they have some good information and debates :)

    albshara.com
    tanseerel.com

    You know me but I'll post this comment as Anonymous :D :P

    Salam and Happy Feast :)

    ReplyDelete
  3. I liked it very much. That is really awesome. You are a good writer. :)

    ReplyDelete
  4. Awesome...rabena ybareklak w y7mek. msa

    ReplyDelete
  5. موضوع جامد جدا، انا فعلا لما قريت شفره دافينشى كان فيها الكلام ده، بس حكايه ان المسيح كان ليه زوجه و اولاد ديه الله اعلم بيها.
    شكرا على الطرح المميز

    ReplyDelete
  6. اخي سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام لم يتزوج على الارجح والا لكان ذكر ذلك في السنة و لكن بقطع النظر عن ذلك فان رواية شفرة ديفنشي التي كتبها الماسوني اللعين دان براون فيها اساءة شديدة الى سيدنا عيسى عليه السلام الذي هو نبينا قبل ان يكون نبي النصارى و نحن المسلمون اولى بان نغضب اذا انتهكت حرمة الاديان كما فعل هذا الماسوني في روايته تلك و من قبله - كما يزعم هو استاذه الوثني ليوناردو ديفنشي - التي فيها من العودة الى الطقوس الوثنية ما يجعلنا نتحسر على الجاهلية الاولى و فيه من التاصيل الى العودة الى اديان الشرق الوثنية و عبادة الالهة الانثى - و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم- ما يندى به جبين الانسانية و فيه من الصراع بين جمعية صهيون الماسونية اليهودية الوثنية و بين الكنيسة المتعصبة على حسب زعمه ما يريد به استدرار عطف القارئ على تلك الجمعية اللعينة التي هي استمرار لفرسان الهيكل الصليبيين الذين ذبحوا المسلمين في القدس و في بلاد الشام ثم ياتي ليصورهم في صورة ضحية
    فهذه الرواية اساءة الى كل الاديان السماوية استغل صاحبها التشويق البوليسي لتمرير رسالة ماسونية واضحة تريد تحطيم كل الاديان و الاخلاق و القوميات و ليس فقط الكنيسة كما تتصور وهو دعوة الى العلمانية المتطرفة التي اصبح الاوروبيون في ظلها يبكون على الكنيسة
    اما بخصوص اللوحة فمتى كان ليوناردو مرجعا للتاريخ و هو التي تصوره الرواية وثنيا قحا فلا يجب ان ننجر الى فخ هؤلاء الماسونيين الملاعين و دعوتهم الوثنية لاننا نريد ان نهاجم النصارى كما تهجموا على ديننا و قراننا لاننا اصحاب رسالة سماوية مامورورن الا نفرق بين احد من رسله ولا نقبل الاساءة الى احد الحواريين و هو بطرس لان الحواريين انصار الله بنص القران كما قال الله تعالى في سورة ال عمران

    فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52)

    ReplyDelete
    Replies
    1. باللوحة "العشاء الاخير" لم يتم تجسيد الحواريين لكن ليوناردو دافينشي اراد ايصال رسالة عن طريق هذه اللوحة من خلال رسم شخصيات لها علاقة بهذه الرسالة, الفكرة انه استغل المسمى الديني للعشاء الاخير بحيث اخذت اللوحة طابع ديني رغم ان الرسالة التي تحملها عكس ذلك تماما.

      Delete
    2. شكرا على الطرح المميز والرائع

      Delete
  7. This is "box logic."
    You are jumping to generalizations and conclusions. Theoretically, if I had a working understanding of the human brain, and the resources, yes, I believe I could make a machine just like myself.

    I've seen these points used a thousand times before, and they are never truly valid. Just like how a Christian refuses to admit that an explosion created the universe.
    Look around you, the universe is constantly moving in an outward, expanding motion. Anything with mass has gravity, therefore, the solar system would've never worked if the original motion of the Big Bang hadn't pushed these elements far enough apart to be within an "orbital range."

    You can't just "prove" God exists or force people to believe in the concept just because you rationalize that we exist as higher beings, and therefore a higher being "had to of" created us.
    Nature is a very peculiar thing.

    ReplyDelete
  8. انا متفق معاك في إن الديانة المسيحية بالحالة الي هي عليها دلوقتي ،، ووفق الي دينا الاسلامي بيأكده وبيقوله عن سيدنا عيسي ، هي فعلا أكبر كدبة البشرية بتعشها

    بس للآسف صعب جدا إن حد من الغرب يدرك الحقايق دي ، حتي لو كانت واضحة قدام عنيه
    لأنهم مش عيزين يشوفوا حاجة زي كدة

    وأنا بصراحة شايف ان ده حقهم ، وليهم حرية الدين الي يعتنقوه ويؤمنوا بعقيدته ، بس الي مش من حقهم
    إنهم يهينو ديني
    أو ييستهزءوا برسولي
    أو يحرقوا قرآني

    والموضوع ببساطة بيتركز في آيتين قرآنتين
    " من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "
    وآية : " لكم دينكم وليا دين "

    ReplyDelete
    Replies
    1. الرجاء عند الترح اكمال باقية الايه الكريمه وشكراً

      Delete
  9. انا اولا احب اقول ان مجهودك جميل جدا و طبعا الثغرات كتيرة فى الديانة التى يعتنقها المسيحيين حاليا والتى لا تمت بصلة للديانة التى نزل بها سيدنا عيسى ... لكن يمكن انا شوية مش مقتنعة اوى برواية شفرة دافنشى على الرغم انى مقتنعة تماما ان لوحة العشاء الاخير بتحكى جزء من حياة المسيح يمكن نكون لسه مش فاهمينة ... بس ميزة الرواية دى انها لم تهين سيدنا عيسى او الرسل زى مافى حد بيقول بالعكس الرواية دى بتضرب فى مقتل فكرة و عقيدة الكنيسة و تسترها واخفاءها كتب و حقائق كتيرة و تضليل المسيحيين لمصلحة الكنيسة الشخصية و اظهرتها فى اسوء صورها... و على فكرة ليو دافنشى مكنش وثنى ولا حاجة

    ReplyDelete
  10. أنا معاكي يا ريد جويل :انا بدرس أصول دين :هذه الرواية حوربت فقط من المسيحيين ولم يقرب لها أيا من المفكرين المسلمين :وليوناردو دافنشي ونيوتن وجاليليو هم من عرفوا الكثير من اسرار المسيحية :لذلك قتل من هؤلاء العلماء الكثير ::: وأرجو كل من يشكك ان يرجع ال فترة حكم الملك الوثني قسطنطين الذي أوهم العالم كله انه موحد الدين المسيحي :::: وشكرا

    ReplyDelete
  11. مقال رائع جدا,
    لا يوجد مكان للصدفة في هذا العالم منذ بداية الخليقة و الطريق مرسومة و مرتبة بكل حذافيرها كل ما نكتشفه الان ما هو الا حقائق اتفق على اخفائها بعض الجماعات لاسباب عديدة جدا و الهدف منها انه من يمتلك الحقيقة الكطلقة له الحق في تغيير الاحجار على طاولة اللعب لهذا العالم حتى لو اضطر ان يخوض اللعبة بمفرده.

    ReplyDelete
  12. الحمد لله على نعمه الاسلام دين واضح وبدون أخطاء وبدون اي ثغرة يدخل منها الأعداء ،

    ReplyDelete
  13. الحمد لله على نعمة الاسلام وكفى بها نعمة

    ReplyDelete