4/14/2011

نعم, الشرعية للتحرير

أتوجه بهذا المقال إلي كل من لا يزال يشكك في شرعية ميدان التحرير, قال أيه الميدان لا يمثل الأغلبية أصلهم كام مليون و احنا 85 مليون .. من فضلكم : أرحمونا بقي!
طب كنتوا فين في الـ 30 سنة اللي فاتوا؟ أتنتقدون ثوار التحرير الآن؟ أنتم وكل جيلكم سلبتم الشباب أحلامه، واحتللتم المناصب التي يمكن أن يطمح إليها، وحرمتموه أبسط الحقوق التي يطمح إليها: الملجأ والزواج، وأعطيتموه سفينة غارقة نخرة امتلأت بالثقوب نُهب كل لوح خشب وكل مسمار فيها، وقلتم له إن عليه أن يتولى الإبحار بها بعدكم .. في بحر يعج بالأساطيل وحاملات الطائرات التي صنعها الآخرون، ماذا كنتم تفعلون طيلة هذا الوقت حينما كانت السفينة لكم ؟ دلوقتي إحنا اللي هنخرب البلد؟ بأي منطق تتحدثون؟
في ليلة 23 يوليو 1952 عندما قام تنظيم سري بالجيش أطلقوا علي أنفسهم اسم الضباط الأحرار بانقلاب عسكري .. بعدها بساعات أذاع السادات بيانه الشهير من مبني الإذاعة و التلفزيون معلنا للشعب عن قيام ثورة في مصر. الغريب بقي بالرغم أن عدد ضباط هذا التنظيم لم يتجاوز 20 شخصا لم يعرفهم أحد إلا بعد قيام الثورة, يعني محدش انتخبهم ولا فوضهم عشان يعملوا ثورة باسم الشعب. لماذا لم يشكك أحدكم في شرعية ثورة 23 يوليو طيلة 60 عاما؟ لماذا لم ينتقد أحد 20 شخصا فوضوا أنفسهم ليصنعوا التغيير باسم الشعب و تنتقدون الآن الملايين التي تطالب بحقوقها في الميدان؟ بأي منطق تتحدثون؟
بالنسبة للحالة الأمنية المتردية و الحالة الاقتصادية السيئة و الناس اللي مش لاقيه تأكل, هم ثوار التحرير مالهم؟ لماذا تلومون الثوار و لا تلومون الشرطة التي كان النظام السابق سبب في اختفائها ليخير الناس ما بين مبارك و الفوضى؟ لماذا تنتقدون مجموعة من المصريين يمارسون حقا تكفله لهم كل دساتير العالم بل و تلزم النظام بحمايتهم و المحافظة علي أمنهم و سلامتهم؟ و بعدين هي مصر كلها ميدان التحرير ولا ايه؟ بأي منطق تتحدثون؟
نيجي بقي للأرقام: حسب تقدير الخبراء فإن عدد المنتفضين علي مبارك في كل ربوع مصر حوالي 8 مليون, لو قلنا في 8 مليون زيهم لم يشاركوا في الثورة و لهم نفس الرأي يبقي المجموع 16 مليون. مصر تعداد سكانها 85 مليون, ننقص منهم 4,5 مليون هجرة مؤقتة و 42 مليون سكان تحت 18 سنة أو فوق 65 سنة (هم غير مؤهلين للمشاركة في الحياة السياسية) و 2,5 مليون جهاز أمني و عسكري و 7 مليون كانوا علي موقف محايد من الثورة يصبح المجموع المتبقي 29 مليون, منهم 16 مليون مع ثوار التحرير. يبقي كده النسبة علي أقل تقدير 55%. بأي منطق تتحدثون؟
طب الناس اللي مش مع التحرير دول يا تري عارفين يعني أيه مظاهرات سلمية؟ يا تري حاولوا ينزلوا في أول أيام الثورة لما كانت كل المطالب عيش و حرية و تغيير؟ ليه تجاهلوا دعوتنا لما نزلنا يوم 25 يناير و قلنا "يا أهالينا انضموا لينا" .. زعلانين دلوقتي عشان بنتجاهلكوا؟ بأي منطق تتحدثون؟
بجد الناس دي مغيبة أو كانت عايشة في بلد تانية. هم نسيوا 1200 ضحية في غرق العبارة و 400 قتيل في قطار الصعيد و200 قتيل في حريق مسرح بني سويف و550 في حادث الدويقة و 760 شهيد منذ قيام الثورة أو غيرها من حوادث راح ضحيتها مصريون، من دون مساءلة حقيقية لمسئول، أو كلمة عزاء من نيرون مصر غير المأسوف على رحيله؟ ده غير التعليم و الصحة و الاقتصاد المتدهور و موارد مصر التي لا ينعم بها أكثر من 1% من الشعب بينما يعيش 40% من المصريين تحت خط الفقر. طب مين المسئول عن قتل خالد سعيد و سيد بلال؟ مين المسئول عن صفر المونديال و البحث العلمي المتدهور؟ مين المسئول عن الحوادث الإرهابية؟ مين المسئول عن 9 مليون مصاب بالكبد الوبائي و 8 مليون بالسكر و أعلى نسبة سرطان أطفال في العالم و 8000 حوادث طرق و 35 مليون جاهل. بأي منطق تتحدثون؟
أما بقي الناس اللي مش عايزة مبارك يتحاكم أحب أفكرهم بالحديث ده: إنما هلك من كان قبلكم انه إذا سرق فيهم القوي تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، والله لو إن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها. لو مبارك كان برئ من تهم الفساد و التربح و إهدار المال العام و التحريض علي قتل المتظاهرين, أزاي ممكن يكون برئ من تهم الفساد السياسي؟ أزاي يبقي برئ و أصلا كل أعمدة نظامه في السجن؟ يعني مكنش شايف؟ أمال هو كان رئيس جمهورية بيعمل أيه؟ كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته يا سادة. بأي منطق تتحدثون؟

بالنسبة للمطالب اللي مش عايزة تخلص و السقف اللي عمال يرتفع, أحب أقولكم أننا دلوقتي معدش لينا سقف والمطالب دي بنطالب بيها عشان الشعب كله يعني محدش هيأخد من وراها حاجة يحطها في جيبه.

أعزائي رواد مصطفي محمود, لو كان اختلافكم نابع من خوفكم علي البلد تأكدوا إننا دفعنا الثمن غالي من دماء شهدائنا و مصر فعلا هتبقي أحسن. لو كان اختلافكم من أجل الاختلاف و صعبان عليكم مصر تبقي دولة متقدمة يا ريت تشوفوا مكان غير ميدان مصطفي محمود, بجد حرام يقترن اسم عالم جليل زي ده بمجموعة هان عليهم دم الشهداء ومش هاين عليهم ييعيشوا زى البنى ادمين. أحب أفكركم أن مصطفي محمود نفسه هو اللي قال: الأحرار يبكون شهدائهم و العبيد يبكون جلاديهم. يا ريت بس تفكروا هتقولوا ايه لأولادكم و أحفادكم لما تدرس ثورة 25 يناير في مناهج التاريخ, يا تري هتردوا تقولوا ايه لما يسألكوا هل شاركتوا في الثورة و كان ايه موقفكم منها.



ثوار التحرير دلوقتي هم أعلي سلطة في البلد. هم اللي قاموا بالثورة دي و هم المسئولين عنها لحد الآخر. يا ترضي بكده يا تقعد ساكت. و اللي عاجبه علي الكحل يتكحل اللي مش عاجبه يترحل و يشوف بلد تانية.

10/13/2010

أولاد حارتنا

لقد جاءت "أولاد حارتنا" كالمفاجأة، فالرواية تمثل التاريخ الروحي للبشرية، وقد قسمت إلى فصول بعدد سور القرآن الكريم، أي 114 فصلا، وشخصيات الإسلام واليهودية والمسيحية العظيمة تجئ متخفية لتواجه مواقف مملوءة بالتوتر فرجل العلم الحديث يمزج بنفس الجدارة بين إكسير الحب وبعض المواد المتفجرة، وهو يتحمل مسؤولية موت الجبلاوي، ولكنه يفنى هناك بريق أمل في نهاية الرواية. كان هذا بعض ما قاله ستوري ألن سكرتير الأكاديمية السويدية في حفل توزيع جوائز نوبل عند تقديم الأديب المصري الراحل نجيب محفوظ. لذلك يعتبر الكثيرون أن رواية أولاد حارتنا هي السبب الرئيسي في حصول نجيب محفوظ علي جائزة نوبل. بالرغم من ذلك لم يستطع الكثير قراءة أولاد حارتنا حتي قراء نجيب محفوظ أنفسهم بسبب إعتراض الأزهر علي نشرها في مصر و ما أثارت حولها من جدل و ضجة كبيرة ما بين مؤيد ومعارض

أولاد حارتنا هي أول الروايات التي كتبها نجيب محفوظ بعد ثورة يوليو بعد أن انتهى من كتابة الثلاثية عام 1952 و هي رواية رمزية أو لنقل إنها مجموعة من الحكايات التي تحاول اتخاذ التاريخ البشري على مر العصور ميدانا لأحداثها يصور فيها نجيب محفوظ نظرته للماضي و يمتد بأحداث الرواية فيصور تخيله للمستقبل. نشرت هذه الرواية في حلقات مسلسلة في جريدة الأهرام، اعترض الأزهر بشدة علي نشر باقي أحداثها وهاجمها الشيوخ و لكن محمد حسنين هيكل رئيس تحرير الأهرام حينذاك ساند نجيب محفوظ و تم نشرها بالكامل. فأرسل الأزهر شكاوى إلى جمال عبد الناصر الذي اهتم بالموضوع و تم منع صدور أي طبعات منها. عاب نجيب محفوظ علي شيوخ الأزهر أنهم قرءوا الرواية بعين رجال الدين، وليس بعين الأدباء والنقاد فأعتبروها نصا دينيا يمس الدين و ليس عملا أدبيا علي حد قوله

الرواية تقع في مائة وأربعة عشر فصلا، بعدد سور القرآن الكريم، وهذا أمر لاحظه الكثيرون. وما من شك في أن هذه الرواية الرمزية قد تعرضت لكثير من الأمور الدينية، سواء كانت إسلامية أو مسيحية أو يهودية، أو غيرها وتناولت الكثير من المقدسات وهذا ما أثار عليها وعلى كاتبها ردود فعل عنيفة، مما جعل الرواية لا تظهر في مصر في كتاب كامل، وإنما نشرت بعض فصولها في الصحف، وصدرت لأول مرة في كتاب ببيروت عام 1962 و لكن وجدت بعض النسخ المهربة طريقها إلي مصر ولكن لم يتم نشرها كاملة في مصر حتى أواخر عام 2006. يعتبر النقاد أولاد حارتنا علامة بارزة في تاريخ الرواية في مصر و الوطن العربي بل و في العالم فقد تم ترجمة الرواية إلي عدة لغات منها الإنجليزية و الألمانية

تبدأ أحداث الرواية بشخص يدعي الجبلاوي. يذكر الكاتب أن مكان الحارة كان خلاء، فهو امتداد لصحراء المقطم، ولم يكن بالخلاء إلا البيت الكبير الذي شيده الجبلاوي، كأنما ليتحدى به الخوف والوحشة وقطاع الطريق. أنجب الجبلاوي أثنين أحدهما يدعي أدريس و الآخر يدعي أدهم و الذي أنجبه من جارية سوداء. لاحظ أدريس تفضيل الجبلاوي أبنه أدهم عليه فأعلن تمرده و عصيانه للجبلاوي فطرده الجبلاوي من البيت الكبير ليخرج إلي الأرض الواسعة. و تدور الأحداث فيكلف الجبلاوي أدهم بالإشراف علي أوقافه ثم يتزوج أدهم من جارية تدعي أميمة. يحذر الجبلاوي أدهم من الدخول في حجرة في البيت تسمي حجرة الوصية. و لكن بطريقة ما أستطاع أدريس الوصول إلي أدهم و إقناعه بدخول الحجرة. و بعد إلحاح من أميمة تسللا عند الفجر إلى حجرة الأب التي غادرها إلى الحديقة كعادته، لكن الجبلاوي فاجأهما حين عاد إلى حجرته لأمر طاريء وأمر بطردهما من البيت الكبير مثلما فعل قبل ذلك بإدريس ليعيشا في الخلاء. حاول أدهم الوصول إلي الجبلاوي و طلب عفوه حتي أرسل الجبلاوي خادمه قنديل يخبر أدهم بالعفو عنه و أعلمه أن عليه العيش في الحارة و تعميرها. ومع مرور الزمن أنجبت أميمة أولادًا أكبرهم "قدري" والثاني يسمى "همام". تقع مشادة كلامية بين قدري و همام فالتقط قدري حجرًا وقذف به أخاه فقتله. وركبه الخوف فحفر بعصاه بين الجبل والصخرة الكبيرة حفرة دفنه فيها. و عند إكتشاف أدهم للأمر غضب علي قدري. و تمر الأيام و يموت أدهم و يدفن في مقبرة تابعة للوقف

و تمر الأعوام و تبدأ البيوت و الأحياء في الظهور بالحارة و يكثر ساكنيها كلهم بالطبع أحفاد الجبلاوي. ثم ينتقل نجيب محفوظ بنا من قصة آدهم إلى قصة رجل يطلق عليه اسم "جبل". ويصف محفوظ أهل الحارة بأن منهم البائع الجوال، ومنهم صاحب الدكان أو القهوة، وكثير يتسولون، وثمة تجارة مشتركة يعمل فيها كل قادر هي تجارة المخدرات وبخاصة الحشيش والأفيون والمدافع في حين بقي الجبلاوي حيًّا مغلقًا بابه معتزلا الدنيا. أما آل حمدان فقد أقاموا حول البقعة التي بنى أدهم فيها كوخه. وكان هناك بيت للناظر الأفندي تجمهر أمامه جمع كثير من آل حمدان القريب من بيت الجبلاوي يطالبون حقهم في الوقف. أما جبل فقد تربى في بيت الناظر واعتبره ابنه وهكذا أدخل الكتّاب وتعلّم القراءة والكتابة، ولما بلغ رشده ولاه الأفندي إدارة الوقف. وخرج جبل في أحد الأيام عندما فرض نظام منع التجول على آل حمدان فشاهد أحدهم قد اخترق هذا النظام وأخذ يطارده حتى أمسك به فتدخل جبل وقتله. ثم هرب إلى سفح جبل المقطم ثم إلى سوق المقطم. وهناك رأي زحام علي ماء و فتاتان تراجعتا بصفيحتين فارغتين.. أخذ منهما الصفيحتين وملأها بالماء. استدعاه أبوهما المسن فأسكنه في بيته وزوّجه ابنته الصغرى بعد أن قص عليه قصته مع الناظر. ثم علمه كيف يكون (حاويًا ) يستطيع معاشرة الثعابين. و عاد جبل إلي الحارة و أعد خطة فاحتشد رجال حمدان مدججين ثم انطلقت الجموع نحو بيت الناظر واتجه البعض إلى البيت الكبير جدهم الجبلاوي أن يخرج من عزلته ليعالج ما فسد من أمورهم وأمور حارتهم. ومضى جبل إلى بيت الناظر فسمح له بالدخول فأعطي آل حمدان حقهم بالكامل

ثم ينتقل نجيب محفوظ من قصة جبل إلى قصة رفاعة الذي جاء هو أيضا بعد نحو عشرين عاما. تلده أمه عبدة و لم يعرف أحد من يكون والده الحقيقي. يكبر رفاعة و يعمل نجارا ويحاول تعلم الزار من امرأة لكي يطهر الحارة من الأشرار. وكان رفاعة مهتما بتخليص الناس من العفاريت، فبرئ على يديه الكثير، وإن اصطفى من مرضاه أربعة. تدور الأحداث و تنشب عداوة بين رفاعة و بين المعلم بيومي و في أحد الأيام صمم بيومي على الخلاص منه ، وحين هاجم الفتوات دار رفاعة استطاع أصدقاؤه الهروب ، بينما قبضوا علي رفاعة وساقوه حيث قتلوه ، وحزن أصدقاؤه لمقتل رفاعة. وترك أصحاب رفاعة الحارة على أمل أن يتحدوا موته بإحياء رسالته ، وأن ينزلوا العقاب بقاتليه. وتسلل الفتوات بالليل إلى المكان الذي قتل فيه وحفروا مدفنه، ولكنهم لم يعثروا للجثة على أثر. وأخذ الناس في الانتقام من الفتوات بعد موت رفاعة، وانتصروا عليهم، وعاد الذين كانوا قد فروا من الحارة في زمن الاضطهاد، وبدأ عهد جديد، يقوم على الاعتراف بالرفاعيين، والولاء والتقديس لرفاعة ووالدته

و تمر عدة أعوام و لم يتغير شيء في الحارة و البيت الكبير كما هو، وهناك حي حبل وحي رفاعة، ثم مقام من لا صفة لهم ولا نسب، وهم الجرابيع، وهم أتعس أهل الحارة، وكان لك حي فتوته. وينشأ قاسم يتيما عقب وفاة والديه، فيكفله عمه، زكريا ويحبه، ثم يرزق زكريا بابنه حسن، مما جعله يتفاءل بابن أخيه، وكم تطلع قاسم إلى بيت الجبلاوي مفاخرا بجده ومقام جده. بدأ قاسم يرعى نعجة للسيدة قمر، وهي السيدة الوحيدة التي تملك مالا في حي الجرابيع و تكبره سنا. و توطد علاقة قاسم بصادق لقربهما في السن. اتفق قاسم مع عمه علي أن يخطب له قمر الأرملة التي رفضت قبله كثيرا من الأغنياء والفتوات، فكلما عمها الذي وافق مضطرا أمام إصرارها.عاد قاسم إلى بيته ذات يوم وأخبر قمر بما حدث له، حين كان وحده في الخلاء، حيث سمع صوتا يناديه، ورأى شبح رجل واقف، فقال له : أنا قنديل خادم الجبلاوي ، وأخبره أن جده بخير، وأنه يعلم كل شيء عن الحارة وأنه ربما اختاره لحكمته، ولأمانته في بيته. و صدقته قمر و صادق و حسن في ذلك لأنه لم يكذب قط. تحدث مشادات بين أهل الحارة و قاسم بسبب مطالبته بحقوق أهله من الوقف. أتهمه أهل الحارة بالكذب و الجنون و صدقه القليل من الجرابيع. واجتمع قاسم وأصحابه يفكرون في الأمر ، واقترح قاسم أن يهجروا الحارة, وعجب أهل الحارة لاختفاء أصحاب قاسم وشاع خبر هجرتهم، ومرضت قمر, ولازمها قاسم، ولكنها ماتت وتركته وحيدا، ولازمه حزن شديد، وكآبة مضاعفة. و أراد أهل الحارة قتل قاسم و لكنه أستطاع الهرب. وعلم قاسم وأصحابه بأن سوارس أكبر أعداء قاسم سيتزوج وستسير زفته الليلة، ففكروا في الهجوم على الحارة، وفعلا اتجهوا ناحيتها، وخيل لقاسم أنه يرى شبح قنديل، وتقدمت زفة سوارس، وانقض قاسم وأصحابه على سوارس ورجاله، وقتل سوارس، و تخذل رجاله بعد علمهم بمقتله، ففروا، بينما تجمع رجال قاسم حوله وهم يلهثون، وتم النصر لهم و عرفت هذه وسط أهل الحارة بمعركة النبابيت. ثم يعود قاسم و أصحابه إلي الحارة و أتفق آل جبل و آل رفاعة علي قتله و تقوم معركة يتم فيها النصر لقاسم و أصحابه. صار قاسم رجل الحارة دون منازع وتولى شئون النظارة، وعاد الجرابيع إلى حيهم، وبدأ عهد جديد يمتاز بالعدل والسلام، وإن وجد من آل جبل وآل رفاعة من يضمرون غير ما يظهرون. خلف صادق قاسما بعد موته على النظارة فسار سيرته ، وإن رأى قوم أن " حسن " أولى منه بالنظارة لقرابته من قاسم . وبعد رحيل صادق سأل الدم في الحارة وقتل الناظر نفسه في إحدى المعارك وعادت إلى الحارة العصبيات القديمة ، ولم يعد جبل أو رفاعة أو قاسم إلا أسماء وأغاني ينشدها شعراء المقاهي المسطولون. و يذكر الكاتب الإختلاف الذي حدث بين أنصار قاسم الذين رأوا أن رفاعة لم يقتل و لكن الجبلاوي قد أخذه في بيته, بينما رأي الرفاعيين أن الجبلاوي هو والد رفاعة الحقيقي و أنه قد قتل بالفعل

وذات يوم رأت الحارة فتى غريبا قادما من ناحية الخلاء، وتطلعت نحوه الأبصار فتبسم لهم مترددا وسأل عن بدروم خال للإيجار. لقد كان عرفة الذي غاب عن الحارة طويلا ثم عاد إليها مع أخيه ومساعده "حنش" وأصبح محط الأنظار لأنه ساحرا. ويذكر أنه يملك الأعاجيب في حجرته، مع أنه ليس فتوة، ولا من رجال الجبلاوي، ولكنه يحوز قوة لم يحز عشرها جبل ورفاعة وقاسم مجتمعين. ودار حوار ذات يوم بين عرفة وزوجته فقالت له عن جبل ورفاعة وقاسم: أولئك كلفوا بالعمل من قبل جدنا الواقف، فقال عرفة بضجر جدنا الواقف؟ كل مغلوب على أمره يصيح ولكن هل سمعت عن أحفاد مثلنا لا يرون جدهم، وهم يعيشون حول بيته المغلق؟ وهل سمعت عن واقف يعبث العابثون بوقفه على هذا النحو وهو لا يحرك ساكنا؟ فقالت: إنه الكبر، فقال لم أسمع عن معمر عاش طول هذا العمر فقالت: ربك قادر على كل شيء فغمغم قائلا : كذلك السحر قادر على كل شيء. كان عرفة أحد القلائل الذين ظهرت عليهم علامات الضيق من الجبلاوي و عدم الإعتراف به. وكان عرفة يحلم بالتسلل إلى البيت الكبير، فسار ذات ليلة تجاهه وشرع في حفر الأرض تحت السور و راح عرفة يزحف خلال الممر، حتى صار داخل البيت الكبير، وأخذ يزحف في حذر شديد ظل يتسلل حتى وصل مخدع الجبلاوي وأشعل شمعة فرأى عجوزا يجاهد للخروج من الغيبوبة الفاصلة بين النوم واليقظة، فانقض عليه مطبقا يمناه على رقبته بكل قوته وساد الظلام بعدما انطفأت الشمعة وتحرك العجوز حركة همد بعدها، وتراجع عرفة خائر القوى، ثم تسلل خارجا وقد تملكه فزع شديد. وجلجل صوت في السكون ،وإذا بأحد أهل الحارة يقول : مات الجبلاوي
وهرب عرفة من الحارة ، وكان قد استطاع تركيب مادة سحرية ظل يضعها مدة طويلة فذهب في طريقه فلقي الفتوة سعد الله فانقض عليه خلسة وقتله ، ولما طارده القوم وأحس أن أقدام المطاردين تقترب أخرج الزجاجة التي بها المادة من جيبه وقذفها عليهم ، فدوى انفجار لم تعرفه أذن من قبل وكف الأقدام عن مطاردته. وانتقل عرفة إلى بيت الفتوة على يمين البيت الكبير، وقرر الاعتماد على سحره. وذات ليلة اعترضه شبح، وأحس أنه رأى هذا الوجه من قبل على عتبة حجرة الجبلاوي ، وأخبرته صاحبته أنها جاءته تنفيذا لوصية الجبلاوي، وأنه مات وهو راض عنه فلم يصدقها عرفة لكنها أقسمت على صدق ما تقول. ثم تدور الأحداث و يقتل عرفة علي يد أحد أهل الحارة وفرح الناس لمقتل قاتل الجبلاوي. وعاد حنش يبحث عن الكراسة التي كان يضمنها عرفة سحره، ولكن يبحث عنها دون جدوى، وانتشرت الأخبار بأن حنش سيتم ما بدأه عرفة، وتفاءل الناس في الخلاص من الناظر، وأخذوا يكبرون ذكر عرفة عندما أدركوا ما كان ينشده من خير لهم، وأخذ الناظر يحكم قبضته على الحارة ، بينما تشبث أهلها بالصبر أملا في الخلاص من هذا الظلم والطغيان

الرواية كما هو واضح من أحداثها وشخصياتها ترمز إلى تطور الحياة البشرية منذ خلق الله عز وجل الإنسان، ولذلك امتلأت بالرموز والإشارات ، فموضوعها ينبني على حياة الأنبياء والرسل، بجانب الشخصية الأولى في الرواية و هي الجبلاوي، وهي التي ترمز إلى ذات الله عز وجل والدليل على ذلك ما أضفاه الكاتب على تلك الشخصية من أوصاف لا تكون إلا لله تعالى
يرمز البيت الكبير إلي الجنة و ترمز الحارة إلي الأرض. بينما يرمز أدريس إلي أبليس و أدهم إلي آدم و أميمة إلي حواء. بينما يزمز قنديل إلي جبريل عليه السلام و يرمز قدري و همام إلي قابيل و هابيل: و قتل قابيل هابيل. يرمز جبل إلي موسي و آل حمدان إلي بني إسرائيل و الناظر إلي فرعون. بينما يرمز رفاعة إلي عيسي عليه السلام و أصحابه بالحواريون. و يرمز قاسم إلي سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام فكان يكني أبا القاسم و قمر إلي السيدة خديجة و صادق إلي أبو بكر الصديق و حسن إلي علي بن أبي طالب. ترمز هجرة قاسم للحارة إلي هجرة الرسول و معركة النبابيت إلي غزوة بدر. و لكن إلي ماذا ترمز شخصية عرفة؟

عرفة الشخصية الرئيسة في الجزء الأخير من الرواية ويرمز به الكاتب إلى رجل المادة أو العلم أو العلمانية. ولذلك جعله الكاتب مجهول الأب إشارة إلى أن العلم ليس له أب ولا جنس معين. كذلك لا يؤمن بشيء إلا إذا رآه بعينيه وجربه بيديه. إشارة إلى عدم إيمان العلم المادي بالغيبيات، واعتماده على التجربة والأشياء الملموسة. يرمز مقتل عرفة للجبلاوي --حسبما رأي النقاد- أن العلم سيقضي علي فكرة الله في عقول الناس بينما دافع نجيب محفوظ عن روايته و قال أنها ترمز إلي أن العلم سيقضي علي الجهل و الخرافات يوما ما. وهكذا تبدوا رموز الرواية واضحة الدلالة تكشف عما ترمز إليه بوضوح ودون خفاء وإن حاول الكاتب أن يلبسها زي الواقعية محاولا إخفاء ما ترمز إليه، ولكن هذه الغلالة الرمزية الرقيقة كانت تشف عما تحتها وتبرز ما دونها

لقد أراد الكاتب من خلال تلك الرواية أن "يعد كتابة تاريخ البشرية منذ أن كان الإنسان الأول ، وما الإنسان الأول إلا آدم الذي إليه جميعا ننتمي ، في نظر التفسير الديني للتاريخ ، وهل ممن الممكن أن نتحدث عن آدم دون أن نتحدث عن الله وعن الأرض وعن ملائكة السماء وإبليس ، وعن الحلم المستحيل في استعادة الفردوس؟ وكيف يمكن أن يكون الله والملائكة وإبليس وآدم شخصيات رواية؟ أي كيف يمكن الحديث عنهم من غير انتهاك للمقدسات؟
أما الفكرة التي تهدف إليها الرواية فإنها تدور على أهمية العلم وقيمته ، وأنه لا خلاص من الظلم والتخلف والفقر والجهل إلا بالعلم ، أما الدين فإنه غير كاف ، واللجوء إليه لن يخلص الناس من شرور الظالمين ، ولن يرفع الظلم عن كاهل المقهورين ، أو أن الدين قد انتهى دوره ، وحل محله العلم المادي الذي يرمز إليه عرفة الذي انتصر على الجبلاوي رمز الدين ، وصارت مكانته لدى الناس أو عند أهل الحارة فوق مكانة جبل وعرفة وقاسم ، وهذا ما يرجوه كاتب الرواية. فإذا كانت الرواية تعبر عن حقيقة العدالة والتنظيم والخلاص من الشرور، ومحاولة الإصلاح ، فإنها ركزت على العلم المادي كوسيلة لتحقيق هذه الأمور. لقد انتهى دور الدين في نظر الكاتب، وانتهى رمز الإله ، وبشرنا الكاتب بدين جديد هو العلم ، ولذلك فإنه يؤمن بقوة العلم وسيطرته ، تلك القوة التي لا تحوزها الأديان مجتمعة في رأيه ، ولذلك كانت نهاية الرواية بموت الجبلاوي أو موت الإله , وهروب عرفة بزجاجته السحرية، أو بقاء العلم برغم ما يصادفه من عقبات وما يحبط به من شرور. وهذه أمور ما كان ينبغي أن يزل فيها كاتب كبير كنجيب محفوظ ، ولا يقنعنا في ذلك أن يتخفى الكاتب وراء الرمز ، الذي استخدمه في الرواية ، وما من شك في أن أي دفاع أو تبرير لا بد أن يعتمد على تزييف الحقيقة الماثلة في الرواية. وسوف تبقى الرواية أقرب إلى الروايات التسجيلية ، وإن كان هذا الجانب معتمدا على فكر الكاتب ، لا على أحداث التاريخ الصحيحة ، فهو يعبر في روايته عن رؤيته الخاصة لتلك الأحداث التاريخية

9/11/2010

العشاء الأخير


العقل لا يري إلا ما يريد أن يراه. بالطبع تبدو هذه العبارة غامضة إلي حد ما و لكنني أدعوكم لمشاهدة هذا الفيلم القصير أولا حتي تتضح الفكرة


غالبا لا يلاحظ المشاهد لأول مرة وجود هذا الشخص الذي يقلد بعض حركات المغني الأمريكي الراحل "مايكل جاكسون" في وسط الفيلم مع أنشغاله بحساب عدد التمريرات. كانت هذه مقدمة أراها طريفة لبقية المقال. و لكنني أولا أود أن يعلم القارئ أن المعلومات الواردة ليست من وحي الخيال و لكنها ملخص قصير لكتابين أنهيت قرأتهما قريبا. أولهما كتاب "فرسان الهيكل" و ثانيهما رواية "شيفرة دافنشي" لكاتبها دان براون و التي أثارت جدلا كبيرا فور صدورها عام 2003


بالطبع قد سمع الكثير عن لوحة العشاء الأخير التي رسمها الفنان الأيطالي العبقري "ليوناردو دافنشي" في القرن الخامس عشر الميلادي. من المفترض في العشاء الأخير أنه العشاء الذي تناوله المسيح مع تلاميذه الاثنا عشر في الليلة السابقة على واقعة الصلب. و فيه تناول معهم الخبز و النبيذ ( أو عصير العنب) رمزاً لجسده و دمه الذي يقدمه لفداء البشرية (وفق قاعدة الفداء و الخلاص التي وضعها بولس) ، و من هنا جاء طقس التناول المسيحي. و قد رسمت العديد من اللوحات للعشاء الأخير، لكن لوحة "دافنشي" تعد هي الأهم فنياً على الإطلاق، و توجد منها نسخ فوق المذبح في العديد من الكنائس حول العالم، و كما يشير الكتاب، تحتوي اللوحة على إشارات لا يمكن أن نعزوها إلى الصدفة أو إساءة الفهم. يجلس المسيح في الوسط علي يمينه
حسبما تقول معظم الكتب "القديس جون" أحد تلاميذه. و لآن العقل لا يري إلا ما يريد أن يراه فلم يلاحظ أحد أن الشخص الجالس علي يمين المسيح هي إمرأة مكتملة الأنوثة و ليس من المقبول لأي ذي عينين أن هذه الشخصية على يمين المسيح هي القديس جون. ترتدي المرأة ثيابا معاكسة لثياب المسيح في اللون ، رداء أزرق و وشاح أحمر للمرأة مقابل رداء أحمر و إزار أزرق للمسيح، و كأنها تتممه بالفعل، و مع رسام بوزن "دافنشي" فهذه ليست صدفة. و من الملاحظ أيضا تشكيل رقم 7 نراه واضحاً بين المسيح و المرأة، و قد يرمز إلى الكأس الأنثوية أو رحم المرأة. كما نلاحظ نجد إشارة الذبح و نظرة العداء الواضحة في وجه بطرس نحو المرأة


و بتغيير أوضاع المسيح و هذه المرأة تتكون لنا تلك الصورة


من هي هذه المرأة؟ و ما قصتها؟

تبدأ القصة بالفلاح المصري محمد على السمان من قرية حمرة دوم التابعة لنجع حمادي بمحافظة قنا الذى عثر في عام 1945 على كنز أثري في حقله يحتوي على اثنتين وخمسين وثيقة قديمة تعود للقرن الأول الميلادي، مكتوبة بالقبطية والآرامية كانت عبارة عن مجموعات من الأناجيل القديمة التي لم تعتمدها الكنيسة الكاثوليكية على الإطلاق، وأطلق الخبراء عليها اسم الأناجيل الغنوصية ، نسبة إلى مجموعة مسيحية قديمة، كانت تنكر الطبيعة الإلهية للمسيح، وترى أن الوصول إلى معرفة الروح الإلهية الحقة أن يكون بمعرفة الإنسان لنفسه. ترجمت اللفائف عن طريق أرقى الجامعات و الأقسام الدينية بها. و ظلت محل إهتمام التاريخيين لسنين طويلة. تكشف تلك اللفائف عن هذه المرأة و هي ماري ماجدولين أو مريم المجدلية و التي شوهت الكنيسة الكاثولكية صورتها تماما في القرن الخامس و السادس الميلادي. لوحة العشاء الأخير تحتوي بالفعل على تجسيد لفكرة مريم المجدلية كقرينة للمسيح من خلال رمزيات شديدة الوضوح و تبرز الموقف السلبي بل و المائل إلى العنف لبطرس الرسول تجاهها. النصوص الواردة من إنجيلي المجدلية و فيليب صحيحة و تشير إلى دور قيادي للمجدلية بين حواريي المسيح و إلى علاقة من نوع خاص قد تكون علاقة زوجية بينهما. و بالرجوع للتاريخ نجد أنه خلال القرون المسيحية الأولى لم يكن هناك اعتقاد بألوهية المسيح ولكن كانت النظرة له أنه نبي عظيم وقائد فذ. وأن قرار ألوهية المسيح اتخذ على يد البشر في القرون اللاحقة، أثناء تأسيس الكنيسة نفسها بشكلها الذي عرفه العالم، وربما أن المسيح كان إنسانا عاديا في المقام الأول فقد أحب وتزوج "مريم المجدلية" وهى نفسها السيدة التي وصمتها الكنيسة في مراحل متأخرة أيضا, وهنا يؤكد كتاب فرسا ن الهيكل أن المسيح تزوج بالسيدة مريم المجدلية كما ورد في العديد من الكتب المقدسة، ليس هذا فحسب بل أكد أن المسيح أنجب ذرية ذات دم مقدس عندما رحلت المجدلية إلى فرنسا بعد صلبه وقيامته وهناك أنجبت ابنتهما "سارة". كما أن الكنيسة أزاحت المجدلية ودورها المحوري في المسيحية وألقت بها في غياهب النسيان بل وكللتها بالعار الأبدي لسبب بسيط وهو حاجة الكنيسة لإقناع العالم بألوهية المسيح ولذلك كان يجب حذف واستبعاد أي أناجيل أو شخصيات تعطى المسيح سماته البشرية العادية وعلى رأسها زواجه وإنجابه. كما إن معظم كبار الكتاب والمفكرين الغرب يؤمنون ببشرية وزواج السيد المسيح حيث كتبت "لين بينكت" في كتابها "مريم المجدلية" أن السيدة مريم المجدلية رحلت إلى فرنسا، التي كانت تسمى بلاد الغال وقتها، ولا يعرف الكثير عن فترة وجود المجدلية في فرنسا، وإن كانت الحكايات المتواترة هي، أنها وضعت هناك ابنتها من المسيح مما يعني وجود ذرية للمسيح حتي الآن مما يؤكد أنه بشر. كل هذا جسده دافنشي في لوحتة العشاء الأخير بشيء من الرمزية الخفية في الوقت الذي مارست فيه الكنيسة جميع أشكال القهر و الظلم للعلماء و ذوي التفكير الحر أمثال جاليليو و نيوتن و دافنشي نفسه

بالطبع لم أكن يوما ما مفكرا دينيا أو دارس للمذاهب و العقائد المختلفة و لكنني أردت أن أقدم خلاصة ما قرأته في هذا الموضوع. فهذه المعلومات - إن كانت صحيحة - أراها تمس و بقوة أساسات الديانة المسيحية بمذاهبها المختلفة و تكشف من وجهة نظري المتواضعة عن أكبر كذبة عاشتها و مازالت تعيشها البشرية. في النهاية أود أن أقول أنه عندما يتشدد الغرب ضد الإسلام, و عندما يقوم الرسام الدنماركي برسم رسوم مسيئة للرسول الكريم, و عندما يقوم القس الأمريكي بحرق القرآن الكريم, فأني لا أري هذا إلا حالة من اليأس و دعوني أقول الحقد و الغيرة الشديدة من دين و عقيدة عكف علي دراستها المستشرقين قرونا و قرون دون أن يجد أحدهم ثغرة واحدة في أساسات هذا الدين. هؤلاء الناس أنفسهم لو نظروا بشئ من العقلية و المنطقية لعقائدهم, من الممكن أن يكون الوضع مختلفا تماما

ملحوظة: فور أنتهائي من قراءة هذه المعلومات, أنتابتني حالة من الشك في صحتها لأن القرآن و الإسلام لم يذكرا ابدا أن المسيح قد تزوج. و لكن طبقا للفتوي رقم 75653 فأن الإسلام لا يتعارض تماما مع هذه القصة بل أن القرآن قد ذكر أن جميع الأنبياء قد تزوجوا و أنجبوا و تعيش ذرياتهم حتي الآن بدليل قول الله تعالى:"وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً" الرعد: 38

8/05/2010

Scholarship Letter


It may be the most important letter I have ever recieved however I'm a bit sure that I won't be able to study in the UdS for some personal issues. I would thank my friend Maiture Geriond very much who was the main reason in getting this honour. Above all feeling, however, I feel appreciated. I feel content that I’ve got nods for every effort that I’ve done, every sweat and every hour that I’ve spent in front of this keyboard – for the times I worked my ass off for things that people around me weren’t aware of. All those backstage, invisible efforts. For the times I forced a smile as I heard comments that I wouldn’t be able to accomplish what I have now. I smile now… broadly :)

3/01/2010

الطريق مسدود


رب صورة خير من ألف كلمة, تلك الحكمة الصينية التي ترجع إلي قرون عدة تحمل في طياتها كثيرا من المعاني, أكثر بل و أكثر بكثير مما قد يتخيله المرء. فبما أن الصورة تعادل ألف كلمة، فإن الصورة المتحركة تعادل ألف خطاب، ونحن قد برعنا في فن الخطاب و لكننا فشلنا - من وجهة نظري المتواضعة - في كسب قلوب الآخرين، فبالرغم من عدالة قضيتنا إلا أننا نستخدم إسلوب خطابي حماسي ثوري تهديدي توعدي قد يلهب قلوبنا ولكنه ينفر قلوب الآخرين، فيقف القائد الفلسطيني وسط آلاف يصرخ ويهدد ويتوعد ويندد بالساعات و يرتقب العدو الإسرائيلي كلماته فينتقي منها مايدين الطرف الفلسطيني ليعيد طرحها للمجتمع الأمريكي من خلال آلته الإعلامية فيزداد الغرب نفوراً منا بالرغم من عدالة قضيتنا. وكلما زادت مدة الخطاب وزادت حماسة الخطيب وسعت دائرة إنتقاءات العدو، وإذا كان هناك تحيز غربي وبالتحديد أمريكي واضح للجانب الإسرائيلي على حساب حقوقنا فهو نتاج اللوبي الصهيوني وطريقته في التأثير على السلطة الأميركية من خلال مؤسساتها المختلفة، ولكن أن يتعاطف الرأي العام الأميركي والمجتمع الأمريكي مع إلإسرائيليين على حساب العرب والفلسطينيين فهناك خطأ ما في التناول والتعامل والخطاب الموجه لهم

الأسبوع الماضي أعلن معهد جالوب الأميركي أكبر مركز إستطلاعات رأي في العالم نتيجة لإستطلاع رأي عن مدى تعاطف الأميركيين مع 20 شعب من شعوب العالم ومدى دعمهم لهم، والنتيجة المفاجئة أوضحت أن 67% منهم يتعاطفون مع إسرائيل التي حلت في المركز الخامس بين الشعوب العشرين، بينما يتعاطف 20% فقط مع الشعب الفلسطيني المظلوم والذي حل في المركز السابع عشر بين عشرين شعب، إذن الإنحياز ليس فقط حكومي ولكنه أيضاً شعبي ، لماذا نفشل دائماً في كسب التعاطف الشعبي بالرغم من عدالة قضيتنا وبالرغم من الجور والظلم الواقع على حقوقنا ؟ السبب أننا لانجيد فن التعامل والتناول لقضيتنا والتسويق لها بالشكل السليم، بينما العدو ينشط ويُسوّق نفسه بكل سهولة، ليس بسبب أفعاله ولكن بسبب أخطائنا، فنحن نقف نخطب ونندد ونهدد ونكيل ونتوعد وهو يستقبل ويعيد الإرسال، والآخر لايريد أن يرى زعيقاً أوصوتاً عالياً ولا وجوه عابسة غاضبة حانقة ليتعاطف، هو يتعاطف مع من يخاطب قلبه وروحه وضميره، وهذا الخطاب أكثر مايكون في الفنون والآداب، في القصص والروايات، في الصور والأفلام، في الفن والإبداع ... ويتبقى سؤال هام: لماذا نسعى لكسب تعاطف الشعوب الغربية ونريد كسب قلوبهم في حين أن مطالبنا عادلة والحق في صفنا، والإجابة بديهية أن حكومات تلك الدول تحترم شعوبها وتنزل على رغبتهم لأنها حكومات منتخبة من الشعب، فإذا إستطعت أن تكسب تعاطف شعوبهم وقناعة مواطنيهم كسبت إهتمام حكوماتهم بقضيتك

كانت تلك المقدمة الطويلة تمهيداً لفيلم رسوم متحركة فلسطيني مدته دقيقتين ونصف الدقيقة فقط يرسل رسالة أبلغ من ألف خطاب، وأقوى من ألف شخص مقنع يخفي وجهه ويحمل السلاح ويحمل إسم كتيبة أو ميليشيا، في وقت يفترض فيه أن تكون صور هؤلاء وخطب هؤلاء وسلاح هؤلاء في السر وخفية بعيداً عن أعين الكاميرات، هكذا تقول السياسة وهكذا يقول الذكاء، الفيلم الفلسطيني يحكي في دقيقتين ونصف عن طفل تتحطم براءته في صورة معبرة مؤثرة أمام الصلف الإسرائيلي عندما يحاول أن يلهو ببراءته مثل كل طفل فيلعب بإطار يحركه ويجري خلفه ويدفعه بعصاه الخشبية، حتى يصطدم برجل أمن إسرائيلي يمثل الحاجز أو نقاط التفتيش، يطيح الرجل بإطار الطفل وكأنه يطيح ببراءة الطفولة، ويعاود الطفل الكَرّة ثانية وثالثة ورابعة وفي كل مرة يزداد غيظ وعنف رجل الأمن الإسرائيلي .. وقبل نهاية الفيلم تتضح الفكرة



فلنجعل كتائبنا و جيوشنا حاضرة في ثكناتها بعيدة عن عدساتنا، ولنجعل خطبنا الثورية في غرفنا المغلقة بعيدة عن ميكروفوناتنا، ولنظهر بوجه آخر للعالم نقدم فيه فنوننا ونخاطب به قلوبهم .. حتى تستطيع السياسة أن تخاطب عقول حكوماتهم

2/03/2010

مليون شهيد



مليون شهيد

مليون شهيد و تاريخ مجيد من الكفاح المشترك
وخوض غمار المعترك وفي اخر الشوط أخسرك
مين علمك تقتل أخوك وأمك وأبوك
وأحنا اللي قدمنا الدم قبل العرق
******
خلاص وصلنا المفترق .. وثورتك.. حريتك
دول كان مخاضهم أرضنا وفي حضننا
تيجي أنت تهتك عرضنا !! تحرق علمنا
اللي كان شاهد علي قبر الشهيد
وترهب الطفل الوليد تنسي تاريخك يابليد
*******
بقي هو ده الجيل الجديد
ده نسل بن بيلا وبومدين والرجال
اللي لما ضاق الكون عليهم شدوا لبلدنا الرحال
رفعوا علمهم فوق صدورنا قبل مايغوص في الرمال
********
غمض عيونك جوه قبرك ياجمال
متشوفش أحفاد النضال
وأقفل ودانك أصل البيان
اللي جي من صوت العرب
بيقول علي المصري أنضرب
*******
بيقول تاريخك كله كان وهم وخطب
نام يابطل لاعليك ملامه أو عتب
وأنزل يا واد يا بربري من فوق كتاف القاهره
أنت فقدت الذاكره
********
لاتصلي في الازهر ولا تمشي في حواري السيده
ولا تسمع الكوكب وهي منشده
ولا تقرأ محفوظ النجيب ولا حتي تسمع عندليب
خليك كده تحرم عليك كل العيون والأفئده
تحرم عليك كل الدماء والاورده
وبريئه منك الف مدنه وكل جبهه ساجده
********
وأنا حفضل المصري كريم العنصرين
اللي متربي وساكن في الحسين
اللي علمتك تقول الضاد وتنطق كلمتين
يا إبو اللسان الأعجمي
********
أنزل يا واد من فوق كتاف القاهره
من امتي بتشيل العيال دي مصر ولاده رجال
سادات مبارك ومعاهم الناصر جمال
واقفين علي شط القنال رافعين علمها اللي بأديك أتحرق
رجاله من عزه وشهامه مش ورق
ياحارق الطوق والشراع مين راح ينجيك مالغرق


12/15/2009

1/4 Gram


اجتمعنا كلنا حول المائدة … دقات الساعة تعلن السابعة, رامى يلف السجاير, احمد كعادته يقرأ الصحف علاء شغله الشاغل الاطمئنان على زجاجات الخمور والبيرة المثلجة, حسين لا يتوقف عن الحديث عن الكرة, وصلاح يفتح الكوتشينة, وبهاء يصل … ويسبقه قدر هائل من الضجيج, و بلا تحية أو سلام دخل مباشرة فى الحديث قائلا

بهاء:اسمعوا يارجالة … رأس السنة دى مش خمرة ولا حشيش .. مفاجأة .. الجديد .. البريمو .. سحر يا اكسلانس .. انا معايا هيروين بودرة ربع جرام
رامى:بودره؟! بتعمل ايه البودرة دى؟؟
صلاح: ويعنى هيعمل ايه الربع جرام دا يا بونو؟
بهاء: إنت مستهيف الربع جرام ... دلوقت تشوفوا الربع جرام دا هيعمل إيه


رواية "ربع جرام" لمؤلفها "عصام يوسف" ليست رواية عادية، فقد حققت نجاحا لافتا على مستوى المبيعات رغم سعرها المرتفع. وهي أيضا ليست مجرد أحداث خيالية بل هي قصة حقيقية تقريبا وأبطالها لا يزالون على قيد الحياة وإن كان المؤلف حريصا على إخفاء شخصياتهم حرصا على خصوصياتهم بالطبع

هي ليست رواية فحسب, و لكنها رسالة إلي كل مدمن, إلي كل أب و أم. أخ و أخت, صديق و صديقة, إلي كل طبيب و معلم, إلي كل قاض و محام...إلي شباب مصر و العرب بصفة خاصة, إلي شباب العالم بصفة عامة

ومن يطالع "ربع جرام" سيقف من دون شك علي عتبات عمل أدبي من نوع مغاير تماماً، إنها يوميات وحكايات متشابكة عن عالم إدمان المخدرات في أوساط الشباب المصري، ولعل أول ما يصدم القارئ أن هذا العمل مكتوب باللغة الدارجة لتجار المخدرات وزبائنهم، فكل من يقرؤها ربما يشعر بأنه وجد نفسه أو صديقه أو جاره بين السطور بخاصة لو كان ينتمي إلي جيل ما تحت الثلاثين سنة


الرواية حقا ليست رواية عادية..و لا أخفيكم سرا أنني تأثرت كثيرا.. وجدتني في لحظات أبتسم و أضحك و تعلو الضحكات...و في أحيان أخري وجدتني أبكي و أبكي و كأنني أتعرض لنفس المأساة التي يتعرض لها بطل الرواية..بكيت كثيرا من الفرحة في آخر أجزاء الرواية..تعاطفت كثيرا مع "مريم" التي أرتبط بها البطل و التي ضحت بكل شئ من أجله

الرواية تتحدث عن مجموعة من الأصدقاء و ماذا فعل بهم "ربع جرام" من الهيروين...يرويها بطل الرواية بنفسه

حقا الرواية تستحق القراءة..بل من رأيي يجب أن توجد في المكتبات العامة..في كل مكتبة منزل بل و كل مكتبة مدرسة أيضا..فهي لا تروي قصة هذه المجموعة من الأصدقاء فحسب, بل أنها تروي قصة حياة مجتمع بأكمله..مجتمع أصبح من الضروري أن يواجه نفسه بحقيقتها..بل و يعترف أننا حقا نعيش كارثة حقيقية تسمي المخدرات

12/05/2009

الطير المسافر


:كتبها شريف أشرف فطين

عندما غادرت مطار إستوكهولم بالسويد ، لم أكن باكيا على ما فقدت من سنوات داخل هذا البلد ، ولا على ما فقدت منها في بلدان أخرى ، غالبتني الذكريات ، بالطبع لم أكن أعرف عندما خطت قدمي أولى خطواتها في رحلة الغربة ، أن هذه الخطوات ستنتهي بي و أنا في هذه الحالة من الشوق و الحنين إلى بلدي ، فعند مغادرتي مطار القاهرة لأول مرة مسافرا إلى أوروبا ، كانت قدمي لا تكاد تلمس أرض المطار الباردة ، كنت طائرا ، قبل أن أطير في أول صندوق حديدي أركبه في أولى رحلاتي إلى عالم النور كما كنت أعتقد وقتها ، سنوات وسنوات ، ورحلات و مطارات و لغات عديدة تكلمتها وسمعتها و ثقافات كثيرة عايشتها ، عرفني الناس هناك ، وعرفتهم ، حققت صداقات كثيرة ، و عداوات أكثر، و أخيرا ها أنا عائدا غير آسف على ما فات ، يغمرني حنين جارف إلى حضن وطني ، الذي تركته وأنا غير عابيء به ، أو بمن فيه ، هذا الوطن الذي أعود إليه الآن لأرتمي على أرضه وأنام ملأ جفناي .

كانت الرحلة الأولى إلى مطار إستوكهولم بالسويد ، البرد و المطر و الجليد في كل مكان ، كل شيء نظيف أكثر ، ووثير أكثر ، و هاديء أكثر ، أتذكر كل شيء بالتفصيل ، محطة " التي سينترالين " في وسط إستوكهولم ، تجمعات الشباب في شارع " كونجز جاتن " الرصيف الرطب لمترو الأنفاق " التونيل بانا " قطار " البيندل توج " تفاصيل الحياة في ستوكهولم القديمة في أحياء " هيتوريت " و " جاملاصطان " مبنى وزارة الهجرة " الفاندرا فاركت " حيث تقبع آحدى عشر طلب هجرة عليها إسمي وصورتي وختم موافقة مع شعار السماح لي بالإقامة للدراسة هناك ، و أخيراً جسر "سلوسن" القريب من السفارة المصرية ، هذا الجسر الذي كنت أقف مستندا إلى حواجزه المعدنية لساعات ، أماكن و أماكن عشت فيها و عاشرتها أيام وليالي ، حتى تصورت أني أصبحت جزء منها و أنها أصبحت جزء مني ، كيف تلاشت كلها و أنزوت في جانب عقلي المظلم ، لتتحول إلى مجرد ذكريات ، ستذوب تفاصيلها يوما بعد يوم ، حتى تصير أشباح صور و شخوص ، ربما أجد صعوبة في تذكرها مستقبلا ، كيف سمح طعم " الشيد بولاّر " الشهي لنفسه أن ينهزم أمام طعم الفول المدمس و الطعمية السخنة ، كيف تمكن هواء القاهرة الخانق أن يكون منعشا أكثر من نسائم ستوكهولم النقية ، لا أعلم ، فقط أعلم أنني عائد إلى وطني ، محباً لكل مافيه ، مشتاقاً لكل من فيه .

أصدقاء كثيرين كانوا معي هنا في إستوكهولم وودعتهم في هذا المطار وهم يغادرون قبلي ، بعضهم بسنوات وبعضهم بشهور ، وأحدهم بأيام ، جميعهم سبقوني عائدين إلى مصر ، وأحدهم إلى غزة و آخر إلى الإمارات ، والآن جاء دوري لأغادر ، مقرراً عدم العودة إلاّ زائراً .

تذكرة الطائرة و كارت الإقلاع " البوردينج باس " وجواز سفري في يدي ، وحقيبتي الصغيرة الهاند باج متدليه من كتفي ، و على ذراعي يرقد جاكيت بني اللون ، هو آخر ما قمت بشرائه من السويد قبل سفري بيومين ، الآن أنا أركد متفادياً المارة لكي ألحق بطائرة مصر للطيران ، موعد الإقلاع قد حان ، وجدتني أركد و أركد رغم عدم تأخري على الموعد ، فقط أريد أن أصعد على الطائرة المصرية ، لأشعر أنني أصبحت في مصر ، لأرى ضحكة مضيفة سمراء طيبة ، وعندما وصلت إلى سلم الطائرة ، أذ بي أجد الدموع تفر من عيني, وإذا بي أجد لساني يردد دون إرادة مني " وبعتنا مع الطير المسافر جواب و عتاب و تراب من أرض أجدادي و زهرة من الوادي يمكن يفتكر اللي هاجر أنه له في بلاده أحباب".

مطار إستوكهولم – صالة الإنتظار – 9 نوفمبر 2009